ليالي لم أذمم بها شقة النوى ... ولولا اغترابي كنت أُثني وأَحمدُ
قضيت بأرض الروم منها مآرباً ... وعدت لأرض كان لي فيه مولدُ
وما عن قِلى ولَّيت عنها ركائبي ... ولكنها الأوطانُ للحرِّ أَعْوَدُ
طويت لها البيداء بين مَهامهٍ ... ويممت لجّ البحر والبحر مُزبدُ
وتقلد بعد عودته إلى تونس التدريس بالمدرسة الحربية، وكان له يد في تربية تلاميذها على الآداب الإِسلامية، وقيامهم على اللغة العربية.
وعنيت الحكومة لذلك الحين بتعريب كتاب فرنسي في أصول الحرب، وقام الأستاذ قبادو بتهذيب ذلك التعريب، وصدَّره بمقدمة جيدة إنشاء ومعنى.
ثم تولَّى التدريس بجامع الزيتونة، وصار بعد ذلك قاضياً بباردو (قاضي العسكر)، ثم تولى سنة ١٢٨٥ خطة الفتوى، وصار عضواً بالمحكمة الشرعية.
وما زال يقوم بالتدريس في جامع الزيتونة، ويقضي حق الإفتاء بالمحكمة إلى أن أدركه المنون؛ فتوفي -رحمه الله- في ٣ رجب سنة ١٢٨٨.
وكان الأستاذ سليمَ الصدر، لا يحمل لأحد حقداً، وإذا اغبر صدره من أحد تعرض له بمكروه، فأول معذرة أو كلمة يحاول بها استرضاءه، تذهب بكل ما في نفسه، وقد تحدَّث في شعره عن حاله مع بعض حساده، ودلَّ على أنه كان يقابل سعاياتهم بالإعراض عنها، والاعتماد في دفع شرها على من يده فوق كل يد.
ومما جاء في هذا المعنى قوله:
كم أوغروا من صدور باختلاقهم ... وغيَّروا من حميم زال إذ زعموا