للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله:

واحذر مفاجأة المنايا للمنى ... واقنع برشف علالة مذلوجه (١)

وقوله:

أنفاسنا ونفوسنا ما بين مَقْـ ... ـصور الهوى ومديده منعوجه (٢)

ولعل عذره في استعمال هذه الألفاظ الغريبة أن الشعر لذلك العهد إنما يدور في مجالس أهل العلم، ولو أدرك العصر الذي كثرت فيه الصحف، وأصبح الشعر فيه معدوداً من الطرق المسلوكة لتنوير أفكار الجمهور، وتهذيب أخلاقهم، لتحامى أمثال هذه الألفاظ التي يحتاج في فهم معانيها إلى معجم، أو راسخ في علم اللغة.

وظهر في ذلك العهد رجال من علماء جامع الزيتونة لهم أقدام راسخة في علوم اللغة، واطلاع واسع على ما تحتويه معاجمها المبسوطة؛ مثل: المرحوم الشيخ أحمد الورتاني، والمرحوم أستاذنا الشيخ سالم أبي حاجب، وأستاذنا أبو حاجب هذا قد نظم أبياتاً في رثاء شاعرنا المتحدث عنه، وتاريخ وفاته، وأذكر منها قوله:

والدهر مهما ينتبذ درَّة ... من جيده لم يرج إخلافُها

فكم لآلي حكمة بالثرى ... تقذف والأجداث أصدافُها

فانظر لهذا الرَّمس كم ضم من ... معارف لم تحص أصنافُها

وقال:


(١) ذلج الماء: جرعه، فهو مذلوج.
(٢) العنج: أن يجذب الراكب خطام البعير، فيرده على رجليه.