برع صاحب الترجمة في العلم والأدب والذكاء، حتى بلغ صيته مجلس أحمد باشا أمير تونس لذلك العهد، فاستدعاه، وولاه خطبة الكتابة بديوان الإنشاء سنة ١٢٦٢. قال صاحب الترجمة عند حكايته طلب الأمير له، وتردده في قبول الولاية:
"ويشهد الله أني ما فكرت قط في وظيفة مدة قراءتي للعلم، وما قرأت إلا طلباً للكمال العقلي، ولقد فاجأتني الأقدار بما آل إليه أمري، والإنسان مسير لا مخير".
ثم اختاره أحمد باشا لتلاوة الأوراق والحجج التي تعرض عليه؛ لما رأى فيه من فصاحة اللسان، وحسن الإيجاز، وكان يصاحب ولي العهد محمد باي عند تجوله في البلاد، ولما توفي الأمير أحمد باي، كانت مكانة صاحب الترجمة عند الأمير الجديد محمد باي راسخة، حتى إن هذا الأمير كان يحليه في بعض أوامره بقوله:"محبّنا".
ولما انتقلت الإمارة إلى الأمير محمد الصادق باي، كان صاحب الترجمة من أكبر الرجال العاملين في دولته، فأسند إليه رياسة كتبة وزارة المال، ثم كتابة سر الملك، ثم رقاه لرتبة أمير اللواء في شوال سنة ١٢٧٧، ثم عينه عضواً بالمجلس الأكبر، ومستشاراً للملكة، وكتب إذ ذاك على قانون عهد الأمان تعليقاً نحا فيه نحو المجتهدين في الفقه، العارفين بسياسة العمران، ثم سماه الأمير مستشاراً بمجلس شورى الملك سنة ١٢٧٧، ومستشاراً لوزارة المال في سنة ١٢٧٩، وترقى في سنة ١٢٧٠ لرتبة أمير الأمر، وتولى بعد رياسة الكتاب، ووزارة القلم، فكان أول من جمع يين المنصبين بالدولة التونسية.