وفي سنة ١٢٨٣ أسند إليه خطبة وزير المالية، وفي سنة ١٢٩٠ وجد منه الوزير خير الدين العضد الأقوى، فشاركه في تنظيم التدريس بجامع الزيتونة، وترتيب المدرسة الصادقية، وإدارة الأوقاف والسجون، والمستشفى الصادقي، والمحاكم الشرعية، وبيت المال، إلى غير ذلك من شؤون الدولة.
وما زال صاحب الترجمة ناهضاً بأعباء منصبيه: وزارة القلم، ورياسة الكتابة حتى وضعت الحكومة الفرنسية يدها على البلاد. وفي سنة ١٢٩٩ قلده الأمير محمد الصادق باي الوزارة الكبرى، ولندع سيرته السياسية إلى مقام آخر، والذي يعنينا التعرض له في هذه المجلة إنما هي سيرته العلمية والأدبية.
* مكانته العلمية:
كان صاحب الترجمة من العلماء أولي الآراء المستقلة، وكان مولعاً بمطالعة الأمهات من كتب العلوم الدينية والعربية وغيرها، وإذا حضر مجلسه أكابر العلماء، جلسوا وهم يشعرون بأنهم في مجلس عالم ذي نظر مستقل، واطلاع واسع، ومما كتبه أستاذنا العلامة المرحوم الشيخ مصطفى رضوان في بعض ما كتب:"ونحن الآن في دولة وزير (يعني: صاحب الترجمة) عالم، قد رمى به الجامع (جامع الزيتونة) من أفلاذ كبده. . . إلخ".
ومن المعروف أن المحكمة الشرعية العليا إذا اختلف أعضاؤها في فهم بعض النصوص، أو تطبيق بعض القواعد، رفعوا إليه ما يجري بينهم من الخلاف، فتكون كلمته القول الفصل، كثيراً ما يرجح رأى واحد من أولئك الأعضاء، وإن خالفته الأكثرية.
ولمكانته في علوم الشريعة ووسائلها، عظمت غيرته على المحاكم