بعد دروس معالمه أثناء فتنة الاحتلال الإسباني وما تلاه من الحوادث. وقد رحل إلى الشرق، ولقي أعلامه؛ كالسيد البليدي، والصعيدي العدوي، والحفني، والطحلاوي، والدري، وغير هؤلاء ممن كتب له بخطه تقريظ بعض مؤلفاته التي حملها لهم في رحلته إلى حج البيت الحرام عام ١١٦٤، وعاد إلى بلده، وتقلد الإمامة والتدريس إلى أن توفي سنة ١١٩٩.
نشأ صاحب الترجمة تحت رعاية هذا العالم المحنك، واختص به، وقرأ عليه العلوم الشرعية والعربية والعقلية، وقد رأينا بديوانه قصيدتين بليغتين في تهنئة والده بختم تفسير "الكشاف".
ثم انتقل إلى الحاضرة حيث تلقى العلم عن أعيان علماء ذلك العصر، فأخذ القراءات عن الشيخ أبي يونس حمودة إدريس، والعربية عن الشيخ حمودة بن حسين باكير، والبلاغة عن قاضي باردو الشيخ منصور المنزلي، وأخذ عن شيخي الإسلام: حسين البارودي، ومحمد بيرم الأول، وعن أبي الفضل قاسم القلشاني، والشيخ أبي عبد الله محمد الشحمي.
* حياته ووظائفه:
ولما امتلأ وِطابُه علماً، واشتد نظره فهماً، أقبل على التدريس بالجامع الأعظم إلى أن توفي والده، وأجمع أهل بلده على طلبه لأن يقوم مقامه في القضاء والإمامة والتدريس ببلد سليمان، فتقدم لذلك مكرهاً كما يظهر من نفثات شكواه التي أودعها ديوانه الحافل.
* أخلاقه:
كان سمح السجية، وفياً، ذا ذوق سليم، وطبع رقيق، قال ابن أبي ضياف يصفه: "وكان عالما فقيهاً أديباً، ذا فهم سديد، وفكر ثاقب، خيراً،