وكان كل واحد من أعضاء هذه اللجنة يضع ما يبدو له، ثم يجتمعون وينقحون ذلك، ويدونونه فصولاً، حتى انتهى ذلك القانون سنة ١٢٩٢، وبعد انتهائه عرض عليهم الوزير خير الدين قانوناً حرره بنفسه لنظارة الجامع، وإقامة نائبين عن الدولة، وسمى صاحب الترجمة نائباً أول عن مستشار المعارف أمير الأمراء السيد حسين، فوقف الأستاذ على تنفيذ القانون أحسن قيام، وأصبحت إدارة الجامع العلمية بيد صاحب الترجمة، فكان مثال العدالة والاستقامة.
وولِّي صاحب الترجمة في عام ١٣٠٨ خطبة الفتوى بحاضرة تونس، فاهتز لولايته ارتياحاً كل من يقدره ويعرف إخلاصه، ونهض بأعبائها نهضة الناصح الأمين، وامتاز بالبراعة في تطبيق الأصول على الفروع.
قلَّدته الدولة خطبة الإفتاء، وأبقت له منصب النيابة عن وزارة المعارف في نظارة الدروس؛ لشدة ثقتها بأمانته، وحرصِه على إجراء ما تقتضيه التراتيب العلمية.
وأحبَّ صاحب الترجمة أن يتزود من الأعمال التي لا تنقطع بعد الموت، فأضاف إلى العلم الذي بثه في صدور الرجال أن تنازل سنة ١٣٢٤ عن مرتب التدريس للمتطوعين بالتدريس في الجامع الأعظم مدة حياته، وأوصى لهم
(١) هذه اللجنة: رئيسها الوزير خير الدين. ووكيل الرئيس وزير القلم لذلك العهد الشيخ محمد عبد العزيز بوعتور، والأعضاء: الشيخ عمر بن الشيخ، الشيخ أحمد بن الخوجة، الشيخ الطاهر النيفر، الشيخ أحمد الورتاني، الشيخ مصطفى رضوان، الشيخ محمد بيرم، السيد العربي زروق.