وتولى الإمارة بعده أخوه محمد الصادق باي، وشد أزره الوزير المصلح خير الدين باشا، فألَّف مجلساً أعلى يتألف من ستين عضواً من الوطنيين للنظر في مصالح الوطن.
وسنّ للفلاحة قانوناً راعى فيه مقتضيات حال القطر. ووزَّع الأراضي الحكومية على صغار الفلاحين، ووضع أول مجلس صحي لمراقبة الأمراض الوبائية.
وسعى في تقدم الصناعات الأهلية، وتوسيع دائرة التجارة الوطنية.
ونظَّم مناهج التعليم بجامع الزيتونة قرينِ الجامع الأزهر في كل ما يدرَّس فيه من العلوم الدينية والعربية، وأنشأ بجانبه المكتبة التي تدعى:"المكتبة الصادقية".
وأسس المدرسة الصادقية، وهي أول معهد أنشئ لدراسة العلوم العصرية واللغات الأجنبية، وصدرت في عهده سنة ١٢٧٧ هـ صحيفة "الرائد التونسي"، وهي الصحيفة الثالثة العربية للصحيفتين الأخريين: الوقائع، والجوائب.
وأطلق هذا الأمير على الحكومة اسم: الدولة، وأعطى لنفسه لقب: الملك، يوجد هذان اللقبان في نصوص القانون المسمى بقانون الدولة.
يرى الناظر من هذه الشذرات الموردة من تاريخ تونس: أنها أخذت منذ عهد المشير أحمد باشا باي تسير سير الأمم المتيقظة، وأنها قطعت في إصلاح شؤونها السياسية والعسكرية والعلمية والعمرانية شوطاً يشهد بأنها تستطيع القيام بواجبات استقلالها بنفسها، وأنها ليست في حاجة إلى ما يسمونه: حماية.