بعد أن تم لفرنسا احتلال الجزائر، اتجه نظرها إلى احتلال تونس، وحصلت على موافقة بعض الدول في المؤتمر الذي عقد في "برلين".
ويقال: إن بسمارك أغراها باحتلال تونس بقصد إيقاع الشحناء بينها وبين إيطاليا التي كانت حريصة كل الحرص على ائتلاف هذا القطر.
ادعت فرنسا أن بعض العربان التونسيين الذين يقيمون بالقرب من حدود الجزائر يعتدون على بعض جيرانهم من الجزائريين، واتخذت هذه الدعوى وسيلة لاحتلال المملكة بأسرها، وأجلبت على تونس بخيلها ورجلها، وتجاوزت بها إلى داخل البلاد، وكانت الحكومة التونسية تسجل وتتشكى وتعارض بأنها مستعدة لتربية قبائلها الذين هم في نفس الأمر إنما اتخذوا وسيلة فقط (١).
* المعاهدة كيف أُمضيت؟
زحفت فرنسا بجنود من ناحية الجزائر، وزحفت بجند آخر من ناحية "بنزرت" حتى وصل هذا الجند إلى العاصمة، وأحاط بقصر الملك، وفي هذه الحال قدمت إليه معاهدة ليضع إمضاءه عليها، فتوقف الباي عن الإمضاء، وطلب من نائبي فرنسا: قنصلها، وقائد عساكرها أن يمهلاه مدة ليتأمل فيما تضمنته المعاهدة من الشروط، فأبيا له ذلك، فجمع الباي رجال مجلس الشورى، وكان ممن عارض في إمضاء المعاهدة: السيد العربي زروق رئيس البلدية، ونصح للباي بأن لا يوقع عليها، وقال له: إن ما تخشاه من عدم الإمضاء سيقع لا محالة، فالتمسك بعدم الإمضاء أشرف وأسلم، ولكن