الشرق؛ أي: يلبس القفطان والجبة المفتوحة من أمام، ويضع عليهما البرنس، ولم يكن يلتزم تقاليد أهل العلم وذوي المناصب الشرعية في بلاده، حتى إنه كان يلبس الجزمة أيام كان لبس أهل العلم لها شيئاً نكراً، ويتجول في بعض المتنزهات العامة راجلاً، وغيره من ذوي المناصب العالية لا يغشونها إلا مروراً في عرباتهم.
وكانت له عند افتتاح الكلام عقدة خفيفة لذيذة على السمع، حتى إذا انطلق لسانه في التقرير، سمعت العربية الفصحى، ولهجة تتسوغها الأسماع بارتياح وإعجاب.
ومن المعروف عن الأستاذ: أنه كان يطمح إلى طول الحياة، ويمثل حركة الساعة الميقاتية بحسيس الأرَضَة في كلها من عمر الإنسان، وينقل عنه في تعليل عدم حمله للساعة: أنه يكره أن يسمع أو يرى آلة تذكره كيف تنقضي حياته العزيزة شيئاً فشيئاً.
هذا ما أجده في الذاكرة من مآثر حياة الأستاذ الذي فارقته -وبودي لا أفارقه- برحلتي الى بلاد الشرق سنة ١٣٣١، وقد ناهز التسعين من عمره. اهـ.
* عِلاوة:
حكى الأستاذ: أن أحد الباشاوات من قواد الجند بالآستانة دعاه إلى منزله في طائفة من أهل العلم، ومما دار بينهم في المذكرة: أن صاحب المنزل سأله عن حكم تعلم الجغرافية، فقال له: إن تعلمها من فروض الكفاية. قال الأستاذ: فالتفت ذلك الباشا الى أحد الفقهاء بالمجلس، وقال له: لماذا كنت تقول في: ان تعلمها حرام؟ فأقبل ذلك الفقيه على الأستاذ وقال له: