للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظنة، فأعترف بأنه هاتف خيالي، وما كنت بالرجل الذي تؤثر عليه عوامل الخيال، ويتبع آثار روايته قبل أن يتخبطني البعاد من الحس، أخشى أن ألقي إليك بمعذرة تزاحم الشواغل عليَّ، فلا تدفع حرج الملامة من الصدر دفاعاً بليغاً. لا أمتري (١) أن من الأشغال حقوقاً لا يرضى أربابها غير اقتضائها (٢) خلاف شأن الحقوق الودادية من التربص بها إلى مساعفة الغرض ولا جناح. بيد أني يتمثل في فراغ بعض دقائق من الوقت، فأراها فرصة مساعفة على عمارتها بمناجاة ذلك الودود، فيتردد مع النفس هاجس عتاب، لا يسكن إلا بعد حين أغالب فيه الخيال.

من ها هنا آثرت ذلك الاعتذار، وإن كان محلاً للتعليق، واقتبست من مكتوبكم عن التخلف عذراً واضحاً غير ما صرحتم به إلي.

بشرتموني باقتراب وفائكم بموعد الزيارة، عندما يأخذ الشيخ منبع الآداب في تمام الشفا والارتياح. وعراني أسف على ما عرض للشيخ من السقم، فنرجو له مزيد العافية والسلامة، ويبلغ له منا أتم السلام.

نبأتموني بموضوع المسامرة التي أردتم التفضل بها، وهو غرض صعب المراس، وما هو عن جنابكم الذي أبدع السباحة في لجج الفصاحة والتحرير ببعيد المنال، وقد عقدت القصد على الحضور ليلتها إن شاء الله.

أما ما أشرتم إليه من انتخابي لإلقاء مسامرة أدبية أو علمية بناء على ما طلبه منكم رئيس جمعية قدماء المدرسة الصادقية (٣)، فلا أظنه يعسر، فإن


(١) امترى في الشيء: شكَّ فيه.
(٢) إشارة إلى انصرافه إلى العمل القضائي، وإعطائه كل وقته للقضاء بين الناس.
(٣) تكونت "جمعية قدماء الصادقية" آخر سنة (١٣٢٣ هـ - ١٩٠٥ م) في مدينة تونس، =