كقول البيضاوي في خطبة "تفسيره": (الحَمْدُ لله الّذي نَزَّلَ الفُرْقانَ على عَبْدِه لِيَكونَ للعَالمين نَذيراً)، وقوله:{آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}[آل عمران: ٧]، وقوله:(مَنْ ألقى السَّمْعَ وهو شَهِيد)، واستعمله القاضي عياض في خطبة كتاب "الشفاء"؛ كقوله:{وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى}[الإسراء: ٧٢]. وقوله:{لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}[المدثر: ٣١]. واستعمله محمد بن جزي في خطبة كتابه "القوانين"، فقال:{أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة: ١٨٥]. واستعمل الشهاب الخفاجي في خطبة "شرح الشفاء" آية شطراً من تسجيع، ولم يقل: قال الله تعالى، فقال:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: ٥٨].
ومن باب الاقتباس: أن يجيء الإنسان إلى الجملة من القرآن المنسوبة إلى الله، فينسبها إلى نفسه؛ كقول بعض الولاة لبعض المساجين:{اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون: ١٠٨].
وقول آخر في عُمّالِهِ: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية: ٢٥، ٢٦]. وذلك تشبُّهٌ بالإله، ومعصية كبيرة.
والتحريف اليسير جائز في الاقتباس دون القرآن، قال أحد أساتذتنا: واعتمدت على أن التحريف جائز في الاقتباس، فقلت في مرثية:
... ونَمارِقُ مَصْفوفَةٌ وزَرابِيُّ.
ومن الشعراء من تجرأ واقتبس بعض القرآن والأحاديث النبوية في شعر غزلي أو هزلي، فالإيمان يقضي بتجنب ذلك، فهو إعراض عن الحق إلى ضلال مبين.