وفي القرآن آيات فيها حكمة وبلاغة يضعها الناس في كلامهم موضعَ الأمثال، وتسمَّى: أمثال القرآن؛ كقوله تعالى:{إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}[الإسراء: ٨١]، وقوله تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة: ١٩٤]، وقوله أيضاً:{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}[فاطر: ٤٣]، وقوله:{وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}[فاطر: ١٤]، وقوله تعالى:{تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}[الحشر: ١٤]، وقوله تعالى:{كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ}[الإسراء: ٨٤]، وقد نص المفسرون وغيرهم على أنها تستعمل في مقام الوعظ، وتعلم الحكمَة، ولا تستعمل في المزح والكلام الخالي من الحكمة؛ كقول بعضهم:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون: ٦] في مقام المتاركة.
وقصة المرأة التي يزعم أنها تتكلم بالقرآن قد ذكرت في كتب لا يعول عليها في هذا الشأن، وعلى فرض وقوعها، فاستعمال امرأة لبعض القرآن في أمور عادية تخصها لا يقره عالم من العلماء.
ومن الناس من يأخذ الفأل من القرآن، فإن وجد آية تأمر بفعل شيء، فعل؛ كأن يسافر، أو يتزوج، وإن وجد آية تنهى عن فعل شيء، ترك الفعل، ويفهم أنه نهي عنه.
حكى بعض المؤرخين أن بعض العلماء أراد السفر في البحر، ففتح المصحف، وقابله قوله تعالى:{وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ}[الدخان: ٢٤]، فترك السفر، وغرق المركب في البحر براكبيه، وهذا مصادفة، ولم يرد القرآن لأخذ الفأل منه، بل نزل شفاء لما في الصدور.
وحكوا عن يزيد بن معاوية: أنه فتح المصحف، فقابله قوله تعالى:{وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}[إبراهيم: ١٥]، وقال كلاماً خارجاً