ومن هذا القبيل وصية عبد الملك بن سعيد الأندلسي لابنه علي بن سعيد عند عزمه على الرحلة إلى بلاد الشرق، تلك الوصية التي يقول فيها:
أودعك الرحمن في غربتك ... مرتقباً رحماه في أوبتك
فلا تطل حبل النوى إنني ... والله أشتاق إلى طلعتك
وقال:
فليس يدرَى أصل ذي غربة ... وإنما تعرف من شيمتك
ونبه لآداب سامية فقال:
وامش الهوينى مظهراً عفة ... وابغ رضا الأعين عن هيئتك
وكل ما يفضي لعذر فلا ... تجعله في الغربة من إربتك
ولا تجادل حاسداً أبداً ... فإنه أدعى إلى هيبتك
وقال:
وانطلق بحيث العيّ مستقبح ... واصمت بحيث الخير في سَكْتتك
ومن أدب الراحل: أن ينصف البلد التي ينزل بها، فيذكر محاسنها؛ ويغتبط بما يلاقيه به أهلها من احتفاء ومؤانسة.
ورد تاج الدين بن حمويه السرخسي بلاد المغرب، فسأله سلطان المغرب يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن قائلا: أين هذه البلاد من بلادك الشامية؟ فقال السرخسي: بلادكم حسنة أنيقة، وفيها عيب واحد، فقال السلطان: ما هو؟ قال: أنها تنسي الأوطان.
وممن قاموا على هذا الأدب الجميل العلامة المقري صاحب كتاب "نفح الطيب"؛ فقد نظم في الثناء على دمشق أشعاراً، وتمثل فيها بأشعار،