فقال أَبو حنيفة لرجل: اسأل سفيان عمن حلف لا يجلس على بساط، وجلس على الأرض، هل يحنث أم لا؟ فإن قال: لا يحنث، فقل له: قال تعالى: {الْأَرْضَ بِسَاطًا}[نوح: ١٩]، فلما سأله وأجابه بعدم الحنث، وأورد عليه الآية، علم أن ذلك تلقين من أبي حنيفة. وذهب المالكية إلى الحنث؛ تمسكاً بالآية، وهو عند تحقق العرف بعدم تسمية الحوت لحماً مشكل لقاعدة: أن العرف مقدم على القصد اللغوي، ولم يحضرني حيئذ إلا أنه فرع مشهور بني على قول ضعيف، وهو أن المقصد اللغوي يقدم على العرف، أو العمل بقاعدة: أن الحنث يقع بأقل الوجوه؛ بخلاف البر، فقاعدته: أنه لا يقع إلا بأكمل الوجوه، فمن حلف ليسافر، لا يبر في يمينه إلا إذا سافر مسافة القصر، وإن سمّي ما دونها سفراً عرفاً ولغة، ومن حلف لا يسافر، حنث بسفره دون مسافة القصر.
وبعد طي بساط ذلك المجلس، ذهبنا إلى المسجد الذي أسسه السيد مصطفى بن الأكحل، فشهدنا مجلس ختم الشيخ عبد الحليم لكتاب في التوحيد لا أتذكر الآن ما هو؛ لأن الشيخ إنما قرر ما يتعلق بسورة الإخلاص، وبين كيف ينتزع منها العقائد الدينية بطريقة استحسنتها جداً، حتى إني كنت من المحرضين له على إقراء درس في التفسير زيادة عما هو بصدد إقرائه مثل درس السعد على "التلخيص".
ثم عدنا إلى السمر، وتناولنا أطراف البحث في مسائل، منها: مسألة اشتراط الولي لعقد نكاح المرأة، فأفادنا الشيخ محمد بن مصطفى خوجة: أن أبا يوسف، ومحمد بن الحسن يقولان باشتراط الولي، وهو قول عامة الفقهاء، وأسند ذلك إلى "عقود الجواهر المنيفة"، ثم مال بنا الكلام إلى أن