إنزال القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا، وإن كانت صحيحة، لا يتعين حمل الآية على معناها.
ودفعتنا المناسبة إلى الكلام على العمل بالحديث الضعيف، فقلنا: قال الفقهاء: إن الحديث الضعيف لا يعمل به في أحكام الحلال والحرام مطلقاً، ويعمل به في فضائل الأعمال بثلاثة شروط: أن لا يكون شديد الضعف، ولا يعتقد العامة نبوته؛ لئلا ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقله، وأن يتدرج بمعناه تحت قاعدة كلية من قواعد الشريعة.
وذهب أبو بكر بن العربي إلى أن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقاً. وسامرنا بدكان السيد علي بن الحداد الشيخ مصطفى بن الطالب أحد علماء تلمسان، والمتولي خطة الفتوى بصور الغزلان (١)، وكان له ميل شديد إلى المباحثات العلمية، ويحب التطلع على علل المسائل، وربما هجم على إبداء ما يلوح له من ذلك.
حاول في أثناء المذاكرة أن يفرق بين الكفارة والحدِّ في عرف الشريعة؛ بأن الكفارة تستعمل في عقوبة ما هو حق لله، والحد يطلق على عقوبة ما فيه حق لمخلوق، فنازعه بعض المحاضرين بأن عقوبة الزنى تقع على ما هو حق لله، وتسمى حداً، فقلنا: إن كثيراً من الفقهاء يطلقون القول بأن الحق في الزنى لله، ويبنون على هذا: أنه إن تاب، برئت ذمته، والتحقيق أن لأقارب المرأة المزني بها في ذلك حق أيضاً؛ لما يلحقهم من العار وهتك الحرمة، وذلك مما لا تغفره التوبة، كسائر الحقوق المتعلقة بالمخلوقين، والأمثل أن يقال: إن الحدود تستعمل في العقوبات الخالصة، والكفارة يغلب إطلاقها