في كل منزل حمام يتخذ من الزنك، يسخن ماؤه في قصبة تنصب بازائه مثل الأسطوانة، ويتصل بحافته مجرى للماء الحار، وآخر للماء البارد، ومن فوقه الناضحة المثقبة، ولكل واحد من المجاري الثلاثة مفتاح يتميز بكتابة على جانبه.
ومن تلك الحمامات ما يتدفق إليه الماء الحار من معمل تشترك فيه منازل كثيرة، فيتيسر للإنسان أن يتطهر منها في أي دقيقة حضرت، ويقل لهذا ترددهم على الحمامات العامة، ولا يقصدونها -في الغالب- إلا لداعية زائدة على النظافة؛ إذ يوجد فيها من يقوم بعمل الدلك على قاعدة صحية.
ومن المنازل ما يتوسل لدفئه أيام البرد بإيقاد الفحم في القصبات القائمة بزاوية من زوايا المنزل على الطريقة المعروفة، ومنها ما يدفأ بوسيلة ماءٍ حار يمر في بعض نواحيه على أسلوب منتظم. وملخص ترتيبه: أن ينصب في الطبقة السفلى مرجل توقد تحته النار بتناسب، ويتصل بالمرجل قصبة يصعد فيها الماء إلى إناء فتح عند سقف الطبقة العليا، ثم ينسكب نازلاً إلى مواضع التسخين في سائر الطبقات وحجراتها، حتى يعود إلى المرجل مرة أخرى، ويتركب موقع التسخين -في الغالب- من خمس عشرة إلى عشرين أسطوانة خشبية متلاصقة، وجث يجري الماء في مجال مستدير وسطح غير ضيق يحصل الدفء الكافي.
وذكرت عند هذا الصنيع: أن جبرئيل بن بختيشوع المتوفى سنة ٣٥٦ هـ، كان يضع من وراء الحجرة التي يجلس فيها مواقد تبعث من وهجها ما يكسر سورة البرد. دخل عليه أحد الفضلاء- على ما قصّه موفق الدين في "طبقات الأطباء"-، فأحس بدفءٍ، وقد أصبح البرد شديداً، فكشف له بختيشوع عن