جوانب المقعد، فإذا موضع له شبابيك خشب بعد شبابيك من حديد وكوانين فيها فحم الغضى، وغلمان ينفخون ذلك الفحم بالزقاق، مثلما يصنع الحدّادون.
ويفتحون في النوادي الكبيرة مراوح ذات آلات، تجلب إليها الهواء النقي أو النسيم البارد بإدارة كهربائية. فمن محال القهوة ما يسع أكثر من ألف نسمة، فتجد الجالسين صفوفاً مرصوصة، ولا يحس الداخل بكدر في الهواء مع ما يقع من التدخين. وهذا أيضاً ذكّرني: أن بختيشوع الذي دبّر طريقة تسخين الحجرات إذا دبّت عقارب البرد، قد فكّر في وجه استخلاص النسيم البارد إذا رمت الظهيرة بجمراتها، فكان يعد من خلف القبة التي يتبوؤها مواضع مرصف فيها قطع من الثلج، ويأخذ الغلمان مراوح يستثيرون بها من ذلك الثلج نسيماً بارداً، فيهب إلى القبة في طريقة متجددة.
وكانوا يستوقدون الشمع، ويعض أصحاب البيوت يصنعونه من شحم البقر بأيديهم إلى قريب من سنة ١٨٤٠ م، فظهر بينهم زيت الغاز المعدني، اكتشفوه في أربع ولايات من ألمانيا، ولكن منابعها ليست بغزيرة، وقد تهللت اليوم بالضرورة مسارج الكهرباء والغاز البخاري في كل محلة.
أما القصور القيصرية، فكانت تنار بالشمع المستخلص من عسل النحل، ثم انبجست فيها أنوار الكهرباء سنة ١٨٨٨ هـ.
لا تخلو أبواب البيوت ودواخل الحجرات من أجراس يستند تنظيمها بين الضغط على أزرارها، ورنةٌ مطرقتها إلى مجرى كهربائي، تستمده من معمل تشترك فيه محلات متعددة. ويصنعون في كل حجرة من الفنادق الشهيرة ثلاثة أجراس، يدعو النزيل بأحدها من تكفف بتنظيم الحجرة، وبثانيها من يعين لمناولة ما يحتاج إليه من مثل طعام أو شراب، ويثالثها من يختص بحمل الأمتعة.