للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقول المحاضر: "هذه القاعدة شاملة لا يقبل النحويون فيها استثناء" حكمٌ لا يطابق الواقع؛ فقد عرفت أن المحاضر حرَّف القاعدة النحوية، ولم يأت بها على وجهها الصحيح، وما كان منهم إلا أن قالوا: "يمتنع عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة"، والفرق واضح بين هذه العبارة، وبين أن يقال: يوجبون عود الضمير على مذكور يتقدمه لفظاً ورتبة.

ثم إن قاعدتهم الصحيحة - وهي أوسع نطاقاً من القاعدة المصنوعة في مؤتمر المستشرقين - يقبلون فيها الاستثناء، وقد استثنوا بالفعل أبواباً من الكلام نطق فيها العرب بضمائر ترجع إلى متأخر عنها لفظاً ورتبة، ولكثرة ما ورد من شواهدها أدخلها النحاة في "مقاييس اللغة"، ولم يمنعوا أحداً من أن يصوغ الكلام على طرائقها، وهذه الأبواب المستثناة يعرفها طلاب علوم العربية من قبل أن ينتقلوا إلى كتبها العالية، وإليها يشير ابن مالك في كتاب "التسهيل" بقوله: "ويتقدم غير مَنْوِيّ التأخير إن جرَّ برُبَّ، أو رفع بنِعْمَ، أو شبهها، أو بأول المتنازعين، أو أبدل منه المفسر، أو جعل خبره، أو كان المسمى ضمير الشأن عند البصريين، أو ضميرَ المجهول عند الكوفيين".

فالنحاة يستثنون من القاعدة القائلة: "يمتنع عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة" هذه الأبوابَ التي سردها ابن مالك، وهي مبسوطة في كتب النحو بشواهدها العربية وأمثلتها.

وما زعمه المحاضر من أنهم لا يقبلون استثناء في قاعدة المطابقة بين الضمير ومرجعه على كل حال، لا يستقيم مع إجازتهم إعادة الضمير على متأخر لفظاً ورتبة في باب "رُبَّ"، وتصريحهم بأنه يلتزم في هذا الضمير الإفراد والتذكير، وإن كان مفسره جمعاً أو مؤنثاً، ومن شواهدهم على هذا