ونحن نرى -في الواقع-: أن الحكومة التي أحسنت معاملة رعاياها، وحرصت على رخائهم أكثرَ من غيرها، هي التي تتبوأ المكانة الأسنى، والتي تحوز قوة أعظم من قوة سواها.
وإذا اعتبرنا هذه المبادئ، ونظرنا إلى حال الحكومة الألمانية، وإلى سلوكها، لاحظنا بوضوح أنها تفوقت تفوقًا كبيراً على الحكومات الأخرى، وبلغت الأوج.
وهذه الحرب الراهنة تُبرهن على ما لرجال هذه الحكومة من صبر غير محدد، وصمود لا يمكن -حتى للموت- أن يَنال منه.
ولو لم تجمع الحكومة الألمانية اللين إلى الحزم، والطيبة إلى الشدة، لما شاهدنا هذا التضامن القائم بينها وبين رعاياها، والذي يدفعنا إلى الاعتقاد بأن الأمر يتعلق بروح واحدة تفرقت في جسوم عديدة.
أما عطفها على الأجناس من مختلف الأديان -لا سيما المسلمين-، وصدق طويتها نحوها، ففي الظروف الحالية برهان عليهما. لا شك أن ألمانيا لم تكتف قط بصيانة حياة المسلمين، بل بذلت كل ما في وسعها لتطوير حياتهم الروحية، ومساعدتهم على حفظ دينهم!
ومن مبرّات ألمانيا: تشييد هذا المسجد.
فهذا البناء، رغم أنه لا يحتل إلا قطعة ضئيلة من التراب الألماني، فإنه سيُحِلُّهُ من قلوينا حيزاً بقدر ضعف مساحته، وسينمي بذلك قوته ومشاريعه.
ورغم أن الحكومة الألمانية لم تصرف وقتاً طويلاً في بناء هذ المسجد، فإن ألسنة خطبائنا وأقلام كتابنا ستلهج بشكرها، والتغني بمجدها، طالما ظلت الأرض تدور.