لام عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز أباه على إرجائه تنفيذ بعض ما يراه حقاً، فقال عمر بن عبد العزيز:"أخشى أن أحمل الناس على الحق جملة، فيدفعوه جملة".
وامتدح شاعر الإمام محمد بن مسلم الزهري، فأعطاه جائزة، فقيل له: أتجيز كلام الشياطين؟ فقال:"من ابتغاء الخير اتقاء الشر".
وأشد ما يغبط الشاعر شاعراً آخر، في البيت العامر بالحكمة.
أنشد محمد بن كناسة إسحاق بن إبراهيم البيتين:
فيّ انقباضٌ وحشمة فإذا ... صادفت أهل الوفاء والكرم
أرسلت نفسي على سجيتها ... وقلت ما قلت غير محتشم
فقال إسحاق: وددت -والله- لو أن هذين البيتين لي بنصف ما أملك، فقال ابن كناسة: قد وفر الله عليك مالك، والله! ما سمعهما أحد، ولا قلتهما إلا الساعة، فقال إسحاق: فكيف لي بعلم نفسي أنهما ليسا لي؟ وإسحاق إنما غبط ابن كناسة في البيتين؛ لما اشتملا عليه من الحكمة، وهي وضع كل من الحشمة والاسترسال على السجية في مقامه اللائق به.
والخلاصة: أن في آداب اللغة العربية حكماً غزيرة في ألفاظ عذبة وجيزة، فنودُّ من القائمين على تعليم النشء وتربيتهم تلقينها لهم بطريقة واسعة، حتى لا يحتاجوا إلى الاستشهاد بأقوال الغربيين، وفي كلام حكمائنا وبلغائنا ما يغني عنه.