وإن كنت مرشداً، منعته بموعظتك الحسنة. ونصحُ الطبيب في معالجة من تصاب عقولهم بشيء من الخلل داخل في قبيل هذا التعاون المطلوب.
ومن شواهد التعاون على حفظ النسل: أن الشريعة رغَّبت في النكاح، وجعلت من شروط صحته الإشهاد، فمن حضر ليشهد به، فقد أخذ بأدب التعاون على حفظ النسل، ومن الآخذين بهذا الأدب المحمود: الخاطبُ، ومن يشفع لدى الزوجة أو وليها في تخفيف نفقات العرس، أو الرضا بالميسور من المهر.
ومتى ظهر في الناس قلة الإِقبال على الزواج، وجب على حكماء الأمة والقائمين على مصالحها أن يتعاونوا في البحث عن علل قلة الزواج، ويتخذوا الوسائل إلى علاج هذه العلل حتى تعود الأمة إلى الفطرة السليمة، وتسير في طهر، وينمو عددها نماء يكفل حياتها، ويكسبها قوة على القيام بنفسها.
ومن شواهد التعاون على حفظ المال؛ بحمايته من التلف، أو العمل على نمائه: أن الشارع قرر الإِيصاء، وهو أن يعهد الأب لمن يعرف فيه الأمانة وجودة الرأي بالنظر في شؤون ابنه من بعده، ومن مقتضيات الإِيصاء: حفظ مال الطفل، والتصرف فيه على ما تقتضيه المصلحة، فقيام الوصي على أمر الطفل بحزم ونصح معونةٌ على حفظ ماله وإصلاح حاله.
ومن هذا الباب: تقرير الشارع لباب القِراض، وهو إعطاء مال لمن يَتَّجر به على أن له جزءاً من ربحه، فصاحب المال يعين العامل على كسب جزء من المال كانت يده فارغة منه، والعامل يعين صاحب المال على تنمية ماله، ولولا إعانة هذا العامل، لبقي المال عند حَدّ، وقد يُنقصه الإِنفاق حتى يذهب به جملة.