للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذا القبيل: فتح الشارع لباب عقد الشركات في الأموال، وهي خلط شخص ماله بمال آخر على أن يتصرف كل منهما في المالين في حضرة شريكه وغيبته، أو في حال حضرته فقط.

وفي هذا النوع من التعاون فائدة عظمى لا توجد عند عمل كل واحد في ماله منفرداً، فإنّ ضَمَّ القليل إلى القليل يُصيره كثيراً، وهذه الكثرة تجعل الشركاء قادرين على جلب بضائع مرتفعة القيم، أو مختلفة الأجناس والأصناف، ولولا الشركة، لضاق باعُ كل منهم أن يصل إلى تلك البضائع ذات القيم المرتفعة، أو ذات الأجناس والأصناف المختلفة، فتقل الأرباح، ولا يجد أهل البلد على تفاوت طبقاتهم كلَّ ما يقوم بحاجاتهم، ويوافق رغباتهم، ونجاحُ الشركات قائم على تحقق الأمانة، والسير على نُظم علم الاقتصاد الصحيح، فمن الملائم لروح التعاون في الإسلام: تأليف شركات تحتفظ بعهد الأمانة، وتسير على نظم يراعى فيها قواعد الاقتصاد المعقولة، وتسعها أصول الشريعة الغراء.

والتعاون بالنظر إلى ما تقع به المعونة إما أن يكون تعاوناً بالنفس؛ كأن تدفع بيدك أو سلاحك صائلاً على نفس أو مال، وإما أن يكون تعاوناً بالمال؛ كالقرض والهبة والصدقة، وضرب الدية في قتل الخطأ على العاقلة، وإما أن يكون تعاوناً بالرأي؛ كأن تشير على الرجل بما يخرجه من حيرة، أو ينقذه من عطب، وإما أن يكون تعاوناً بالجاه؛ كأن تشفع لذي حاجة عند من يملك قضاءها، قال - صلى الله عليه وسلم -: "اشفعوا تؤجَروا" (١)، وقال - عليه السلام -: "واللهُ


(١) النسائي.