وحاموا وما وردوا، وغَنَّوا وما أطربوا، ونسجوا فهلهلوا ... وظنوا أنه يمكنهم أن يدسوا الفلسفة في الشريعة، وقد تورك على هذا قبل هؤلاء قوم كانوا أحدَّ أنيابًا، وأحضر أسباباً، وأعلى أقدارًا، وأرفع أخطاراً، وأوسع قوى، وأوثق عرا، فلم يتم لهم ما أرادوا، ولا بلغوا منه ما أملوا، وحصلوا على لوثات قبيحة، ولطخات واضحة موحشة، وعواقب مخزية".
وقال أبو حيان التوحيدي في وصف هذه الرسائل: "وهي مبثوثة من كل فن بلا إشباع ولا كفاية، وفيها خرافات وكنايات، وتلفيقات وتلزيقات".
وقال الإِمام الغزالي في كتاب "المنقذ من الضلال": "ولو تطرقنا إلى أن نهجر كل حق سبقنا له خاطر مبطل، للزمنا أن نهجر كثيراً من الحق، ولزمنا أن نهجر آيات من آيات القرآن، وحكايات السلف، وكلام الحكماء الصوفية، لأن صاحب كتاب "إخوان الصفا" يوردها في كتابه، ويستشهد بها، ويستدرج بها قلوب الحمقى إلى باطله".
وقال: "من نظر في كتبهم -يعني: أهل الباطل-؛ كإخوان الصفاء وغيرهم، فرأى ما مزجوه في كلامهم من الحكم النبوية، والكلمات الصوفية، ربما استحسنها، وقبلها، وحسن اعتقاده فيها، فسارع إلى قبول باطلها؛ لحسن ظن حصل فيما رآه واستحسنه، وذلك نوع استدراج".
ومما يدل على أن هذه الرسائل كانت معروفة لذلك العهد بإفساد العقيدة: ما حكاه ابن تيمية في "شرح العقيدة الأصفهانية" من أن الإمام المازري أنكر على الإِمام الغزالي لما بلغه أنه عاكف على قراءة "رسائل إخوان الصفاء".
وتبين أن الإِمام الغزالي كان عاكفاً على قراءة الرسائل؛ ليعلم ما فيها