إنما كرهت ولاية المفرط في الذكاء؛ لأنه يحمل الناس على ما يدرى في العواقب من الحقائق، فيعنف بهم، على حين أن الحال توجب حملهم على ما يقتضيه عصرهم الحاضر؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها -: "لولا أن قومك حديث عهد بكفر، لبنيتُ الكعبة على قواعد إبراهيم".
فالإِسلام أخرج العرب من بداوتهم، وأنشأ منهم أمة صالحة السياسة، مصلحة الحكم، عادلة السيرة، عرف منهم التاريخ مُثلاً عالية في الحكمة والرفق بالرعية، والعدل في الحكومة، وهم الخلفاء الراشدون، كما عرفت السياسة من المسلمين دهاة اشتهروا بأصالة الرأي، وجودة التدبير؛ كمعاوية ابن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وزياد بن أبييه، والمغيرة بن شعبة، فذلك أثر الإِسلام في العرب، وفضل الله بالنبوة عليهم، وكان فضل الله عظيماً.