ربما كان الجمع بين دراسة القوانين الأوروبية والتعمق في الشريعة الإسلامية نادراً لا يكاد يتحقق في أفراد يصح أن تناط بهم هذه المهمة، وأيسر من هذا أن يجتمع أساتذة ممن رسخوا في فهم الشريعة الإسلامية، وأساتذة درسوا القوانين الأوروبية دراسة وافية، ويجلسون وهم مؤمنون بمصدر الشريعة، وموقنون بحكمتها، فليس من شك في أنهم سيؤدون كما قال الباشا في آخر مقاله:"للشريعة السمحة، وللملايين الذين يعملون بأحكامها أجلَّ خدمة تبقى على تعاقب الأجيال".
وذكر سعادته:"أن الجرائم ذات الحدود في القرآن الكريم لم يتركها القانون المصري، بل لا يزال يعتبر كثرها جرائم، ووضع لها عقوبات جديدة رادعة".
أشار سعادته إلى أن القانون المصري لم يعتبر بعض الجرائم ذات الحدود في القرآن الكريم جرائم، فقد قال:"لا يزال يعتبر أكثرها جرائم". وهذا فرق بين الشريعة والقانون المصري لا يُستهان به. ثم إن ما يعتبره القانون المصري جرائم قد وضع له عقوبات غير ما نص عليه القرآن، وأمر بتنفيذه في غير هوادة. وإذا اختلف القرآن والقانون المصري في بعض ما يرتكب من الأفعال: القرآنُ يعده جريمة، والقانونُ يعده شيئاً لا حرج فيه، واختلفا في عقوبات ما يتفقان على أنه جريمة، فالأمة المسلمة معذورة كلَّ العذر إذا طالبت بأن تكون سياستها القضائية والتنفيذية والاجتماعية قائمة على أساس التشريع الإسلامي دون ما سواه.