للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توجد في غير مظانها، وتستفاد من غير أهلها؛ كما يقولون: "رمية من غير رام".

قال ابن الأثير في كتاب "المثل السائر": "ومذ سمعت هذا الخبر النبوي، جعلت كَدِّي في تتبع أقوال الناس في مفاوضاتهم ومحاوراتهم؛ فإنه قد تصدر الأقوال البليغة، والحكم والأمثال ممن لا يعلم مقدار ما يقوله"، وأوردَ من كلام بعض العامة شواهدَ على أن الحكمة قد تستفاد من غير أهلها، ثم قال: "يجب على المتصدي للشعر والخطابة أن يتتبع أقوال الناس في محاوراتهم؛ فإنه لا يعدم مما سمعه منهم حِكَمًا كثيرة، ولو أراد استخراج ذلك بفكره، لأعجزه، ويحكى عن أبي تمام أنه لما نظم قصيدته البائية التي يقول فيها:

عل مثلِها من أربُعٍ وملاعبِ

انتهى منها إلى قوله:

يرى أقبح الأشياء أوبة آملٍ ... كسته يد المأمول حلة خائب

ثم قال:

وأحسنُ من نوَرٍ يفتحه الصَّبا .....

ووقف عند صدر هذا البيت يردده، وإذا سائل يسأل عن الباب، وهو يقول:

"من بياض عطاياكم في سواد مطالبنا"

فقال أبو تمام: بياضُ العطايا في سوادِ المطالب

فأتم صدر البيت الذي كان يردده من كلام السائل.

قد يقصد الرجل لإلقاء الحكمة في لفظ يستقل بها، وقد تجيء تبعاً