مِمَّا يزهِّدُني في أرض أندلس ... ألقابُ معتضدٍ فيها ومعتمدِ
ألقابُ سلطنةٍ في غير موضعها ... كالهرِّ يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ
وجاء أبو الوليد الباجي من الشرق، فوجدهم متفرقين، وهو يعلم عاقبة التفرق، فأخذ يطوف عليهم، ويدعوهم إلى الوفاق والاتحاد، وهم يجملونه في الظاهر، ويستبردونه ويستثقلون نزعته.
ومن أسباب سقوطها أيضاً: جبنُ كثير منهم بعد أن كان جيشها يستخف بالموت في سبيل الدعوة إلى الله، ورفعِ راية الإِسلام.
قال الحافظ أبو بكر بن العربي في "الأحكام" عند قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}[التوبة: ٤١]، وكان قد خرج في جيش واجه العدو حين هجم على بعض المدن، وانتصر العدو:"ولقد نزل العدو سنة سبع وعشرين وخمس مئة، فجاس ديارنا، وأسر جيرتنا، وتوسط بلادنا، فقلت للوالي والمولّى عليه: هذا عدو الله قد دخل في الشَّرَك والشبكة، فلتكن عندكم بركة، ولتكن منكم في نصرة الدين المتعينةِ عليكم حركة، وليخرج إليه جميع الناس حتى لا يبقى منهم أحد في جميع الأقطار، فيحاط به، فإنه هالك لا محالة، فغلبت الذنوب، ورجفت بالمعاصي القلوب، وصار كل أحد من الناس ثعلباً يأوي إلى وِجاره، وإن رأى المكيدة بجاره، فإنا لله، وإنا إليه راجعون".
ومن أسباب سقوط الأندلس: أن العدو أغرى أهلها بالمال، فساعدوه على الاستيلاء عليها.
وأذكر بهذه المناسبة: أن من الأمثال التي عرّبها العرب من لسان الفرس: أن الأشجار رأت فأساً ملقاة في أرضها، ففزعت منها، فقالت لهن شجرة: