من طلاب العلم بالمعاهد الدينية، فأنشؤوا "جمعية الهداية الإِسلامية". وبصر به قبل هؤلاء قوم آخرون، فأنشؤوا "جمعية مكارم الأخلاق الإِسلامية".
والذي يقول: لا تقوم زعامة في شعب إسلامي إلا على الدين، إنما يقصد إلى أن يأخذ في شرط الزعيم احترام مبادئ الشرع الحنيف، وسواء بعد هذا أكانت نشأته في نحو الأزهر وجامع الزيتونة، أم كانت في إحدى جامعات لندن وباريس.
فالمذهب الذي يجعل لإِصلاح الاجتماع والسياسة والزعامة صلة بالدين، هو مذهب كل من وقف على روح الإِسلام، ودرس أحوال الشعوب، ونظر إلى هؤلاء الزعماء كيف يحيون، وكيف يموتون وهذا المذهب -وإن ذهل عنه بعض شبابنا اليوم- فسيدرون أنه أقوم الطرق لإِحراز قوة تبلغ بها الأمة حيث تشاء، وبالأحرى حين يدخل أولو العلم في ملاحم الحياة الاجتماعية والسياسية أفواجاً، ويعبرون عن مقاصد الإِسلام بلسان الناصح الحكيم.
والأمل لا يزال راسياً على أن السيد زين العابدين السنوسي سيحقق النظر في صلة الإِسلام بالاجتماع والسياسة والزعامة، حتى تجد منه أمته المسلمة مصلحاً حازماً، كما وجد منه الأدب كاتباً ناقداً مجيداً.
والذي يعنينا بعد هذا أن يقدر الشعب التونسي صناعة الأدب، ويدرك فضل الشاعر والناقد، ولا يستهين بمثل هذا التأليف الذي صاغته براعة الماجد السيد زين العابدين السنوسي، فإنه عمل قيم نبيل، وأكبر عامل لإِعلاء شأن الأدب أن يقدر الشعب شعراءه وكتّابه، وأن يكون بالمبدعين من هؤلاء وهؤلاء حَفِيّاً.