لا يدين بالإِسلام أن يقود أمة غير مسلمة، ويتقدم بها في هذه الحياة إلى غاية، أو يصل بها إلى أن تكون مستقلة، أو مستعمرة، وإنما يريد -فيما يُفهم- أن الإِسلام رسم للاجتماع والسياسة خططاً، ومن يؤمن بحكمة هذه الخطط يرى أن ما لا يجري عليها من الأعمال لا يستحق أن يسمى إصلاحاً، أو سياسة رشيدة، ومقتضى هذا: أن الزعيم الذي يتبع غير سبيل المؤمنين ليس بالزعيم الذي تمنحه الأمة المسلمة ثقتها، وتضع في يده زمام نهضتها، إلا أن تكون قد نسيت حكمة الله البالغة.
والتاريخ القديم والحديث يصدق أن ليس من أحد ينال الزعامة على شعب يبتغي الإِسلام ديناً إلا أن يعتقدوا به الإِخلاص للإسلام، وقد شهدنا رجالاً وقفوا موقف الزعامة بين أمم إسلامية، وكانوا يحملون في صدورهم جهالة على الإِسلام، فلم ينشبوا أن بدت هذه الجهالة على أفواههم، وظهر لها لون في سيرتهم، فما كان من المسلمين بحق إلا أن ضربوا بزعامتهم إلى وراء.
ونحن لا نتحدث عن زعامة يتمتع الرجل بها أياماً، أو زعامة يلقب بها الرجل على ألسنة طائفة من الناس، وإنما نريد زعامة يرضى عنها أولو الأحلام من الأمة، ويسير بها صاحبها في حزم وأمانة وثبات، وهذه الزعامة لا تستقيم إلا على رعاية ما ينصح به الإِسلام.
فمن يتحدث عن حال أمة إسلامية، وقال: لا يصلح اجتماعها، أو لا تنتظم سياستها، أو لا تنجح زعامة عليها إلا أن تكون من ناحية الدين، إنما يريد هذا المعنى الذي اهتدى له طائفة عظيمة من طلاب العلم بالمدارس العالية، فأنشؤوا (لمجمعية الشبان المسلمين) واطمأنت له قلوب طائفة عظيمة