هذه الأشعار طائفة تمثل صفاء الذوق، وسعة الخيال، وجودة التنسيق، وحسبي في هذه الصحيفة أن أقول: إن من يلقي نظرة على كتاب "الأدب التونسي في القرن الرابع عشر" نظرة مجردة من كل شيء ما عدا الإِنصاف، لا يسعه إلا أن يذكر تونس في نسق البلاد التي نبت فيها الأدب نباتاً حسناً، وكيف يأبى أن يذكرها في هذا الصدد، وهو لا يستطيع أن ينشدنا لابن عشرين من نابتة الأقطار الأخرى شعراً أرقى من شعر هؤلاء الذين عرض علينا هذا الكتاب مختارات من بنات قرائحهم، وما بلغوا أو برحوا سن العشرين.
ولعل السيد زين العابدين السنوسي يكون مرتاح الضمير إذا شاركته فيما دار بينه وبين الأستاذ صالح النيفر من محاورة، ولا خير في تقريظ لا يمثل الصراحة، وإنما الخير في تمحيص بحياة الجماعة وطرق سعادتها من آراء.
يقول السيد زين العابدين السنوسي في الحديث عن الأستاذ صالح النيفر:"ولا يتصور صاحبنا إصلاحاً اجتماعياً، ولا حركة سياسية، ولا نهضة ولا حرية، ولا علماً إلا على طريق الدين والزعامة الدينية"، ثم قال: "وقد راجعناه في الأمر، فلم نر له من تقهقر ولا رجوع، فإذا قلت له كلمة في الفروق بين التيارات التاريخية، وإذا ألفته لحوادث العصر في طول البلاد، ومن خط الاستواء إلى القطبين، وإذا عددت له زعماء العالم اليوم، وليس فيهم من يمت إلى التعاليم الدينية بسبب، سد أذنيه عنه، وأعلمك أن الوسط التونسي وسط مسلم، لا يحيا بدون دين، ولا يقاد إلا بزعامته!.
أنا لا أذهب في فهم رأي الأستاذ صالح النيفر إلى أنه ينفي عن أمة لا تدين بالإِسلام أن تكون ذات مدنية وقوة وسلطان، أو أنه ينفي عن رجل