"محمد الهادي باشا باي" أطال الله أمد حياته كما أطال له برود الإسعاد، وفاضت على يد تدبيره ينابيع الصلاح والسداد، ولا برحت حدائق آماله مثمرة، ورياض أنسه بأنجاله الأكرمين مزهرة.
ولنتجاوز إثر هذا إلى صوغ سبيكة، تتجلى في مرآتها الأغراض التي تناط بها إرادة هاته المجلة فنقول:
تفاتح مطالعيها بمقالة تتخذ مظهراً لبعض مطالب تقتضيها المحافظة على حياة مجدنا القديم، ويتلوها باب نعده معرضاً لعيون مباحث علمية، ولا نريد إلا انتظامها في أسلاك ما هو التحقيق بما يتخللها من الأفكار السامية، ويقفوهما باب ثالث تُنشر فيه من الآداب ما يكون مرقاة للتقدم في صناعتي الشعر والكتابة لا ليتمتع بها عند المسامرة، ثم ترفض كأضغاث أحلام، ونقصُّ في هذا الباب من التاريخ أحسن القصص، وإن في ذلك لعبرة لأولي الألباب، ويتصل بذلك باب رابع يبحث فيه عن الأخلاق كيف ينحرف مزاجها، وبماذا يستقيم اعوجاجها، ويندرج تحت عنوانه الاستشراف إلى العوائد من خلال الشريعة، ويليها باب آخر للأسئلة والاقتراحات، ثم خاتمة عنوانها مسائل شتى.
ولنعطف عنان القلم قبل نشويه بأطراف المقاصد إلى الإفصاح عن ثلاث تلويحات، يزداد بها المنهج الذي نصرف إليه الوجهة اكتشافاً:
التلويح الأول: لا ينازع في شرف العلم إلا جاهل لم يضرب له مع أهله بسهم، ولكن ذلك الشرف لا يثبت له بشهادة الشارع إلا من جهة أنه يفيد عملاً مكلفاً به، وهذا منتزع من عدة مواضع من الشريعة، كالإعراض عن إجابة المسائل التي لا يتعلق بها تكليف، والنهي عن كثرة السؤال؛ لأنه