المسائل الملمة، وذبَّت عن الإسلام دواهي مدلهمة، تتبادل بها الأفكار، وتتمخض بها زبد الأنظار، أفادت العلماء تذكرة، والمستفيدين تبصرة، مراميها سامية، وقطوفها دانية، حتى ورقاتها من حسن الفال كأبواب الجنة ثمانية، وعلاوة على ذلك أعربت على كل من كتب فيها سطراً مبلغه من العلم والعقل ومقدار همته، ولامتياز الأخلاق منها نصيب وافر، فهي كالمرآة الصقيلة، وبملاحظة هذا المعنى تسابق قراؤها ومكاتبوها إلى اكتساب المعالي، وابتناء المجد العالي:
السباق السباق قولاً وفعلاً ... حذر النفس حسرة المسبوق
وبالجملة فتلك مفخرة للخضراء بين الممالك، ويفهم من آثار أهلها اعترافهم بذلك، وأبلغكم لتحمدوا الله أن كل من رآها هنا في الآستانة العلية أعجب بها، وتحقق بمجموع ما احتوت عليه نمو العلم في تونس ونشاط طالبيه، وأن سوق التفنن بجامع الزيتونة معمور، وهذا مما يعم به في العالم الإسلامي السرور، والمظنون أن سيكون لها شأن يعتبره المشرقان والمغربان، فحافظوا على خطة الاعتدال، غير غافلين عن مقتضيات الأحوال، ودوموا على اعتناق السنَّة والكتاب، مستحضرين أنكم مسؤولون غداً، والله عنده حسن المآب، أدامكم الله لنفع الدين والوطن، ورزقكم العافية والتوفيق في السر والعلن.
- ومنها أنفسها ما تفضل به الهمام النحرير، الماجد، الأعز، الشيخ، السيد عبد الحفيظ القاري، أحد أعيان العلماء بمكة والطائف حرس الله كماله، ونصه (١):
(١) العدد الرابع عشر - الصادر في ١٦ رجب الأصب ١٣٢٢.