للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: ١١٧] قالوا: "إن هذا من بحر المتقارب"، قلنا: "إنما يقول هذا من لا خلاق له في هاته الصناعة، لأن الذي ينطبق على وزن هذا البحر من الآية قوله: {فَلَمَّا} إلى قوله {كُلِّ]، وإذا وقفنا عليه لم يستقم الكلام، وإذا أتممناه بقوله: {كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} خروج عن وزن الشعر".

ومنها قوله تعالى: {وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: ١٤] ادعوا أنه من بحر الوافر، قلنا: "هذه الدعوى على جانب عظيم من الفساد، لأنها إنما تكون على وزن هذا البحر، إذا زيدت فيها ألف بإشباع حركة النون، وأشبعت حركة الميم في قوله {وَيُخْزِهِمْ} وإذا غُيِّر لم يكن قرآناً، وإذا قرأ على الأصل لم يكن شعراً".

ومنها قوله: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ: ١٣] زعموا أنه من جزوء الرمل، وهذا باطل أيضاً، لأنه إنما يكون من هذا الوزن إذا زيدت فيه ياء بعد الباء في قوله {كَالْجَوَابِ]، وإذا حذفت فليس بكلام تام على وزن شيء.

ومنها قوله {قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ} [سبأ: ٣٠] قالوا: "هذه آية تامة على وزن بيت من الرمل"، وهذا غلط فاحش، لأنها إنما تكون من وزنه إذا حذف من قوله: {لَا تَسْتَأْخِرُونَ} لا النافية والياء والسين، وتوصل يوم بقولك تأخرون، وتقف على النون من قولك تأخرون، فتقول: تأخرونا بالألف، وإذا قرأناه كذلك لم نتبع قرآنه، ومتى قرآناه على أصله فما هو بقول شاعر.

ومنها قوله: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان: ١٤] ادعوا