أنه من بحر الرجز، وهذه الدعوى من الطراز الأول، لأنه إن قرئ بإسكان الميم يكن على وزن فعول، وليس في بحر الرجز فعول، وإن أشبعت حركة الميم لم يكن من هذا البحر إلا باسقاط الواو من {وَدَانِيَةً]، وإذا حذفت الواو بطل الكلام.
ومنها قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} [الماعون: ١ - ٢] زعموا أنه من الخفيف، قلنا:"زعمتم ولكنكم أخطأتم، لأنه لا يكون من هذا الوزن إلا بحذف اللام من قوله: {فَذَلِكَ]، وبإشباع الميم من قوله: {الْيَتِيمَ]، فيكون اليتيما، والقراءة سنة متبعة لا مبتدعة".
ومنها قوله:{إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}[النمل: ٢٣] قالوا: "هذا من بحر الرجز"، وقلنا:"افتريتم على الله كذباً، لأن الذي يوافق هذا الوزن من الآية قوله، {إِنِّي وَجَدْتُ} إلى قوله: {عَرْشٌ]، والكلام غير التام لا يكون شعراً"، فإن قالوا:"يقع قوله: {عَرْشٌ عَظِيمٌ} بعد ذلك إتماماً للكلام على معنى التضمين"، قلنا:"التضمين إنما يكون في بيت على تأسيس بيت قبله، وأما أن يكون التأسيس بيتاً والتضمين أقل من بيت فذلك ليس بشعر عنه أحد من العرب".
وخلاصة هذا المطلب، أنك لا تجد آية تامة أو كلاماً تاماً من القرآن على وزن بيت تام من الشعر.
وغالبهم يقتصر على جواب عام، وهو أخذ القصد الأولي قيداً في حقيقة الشعر.