سعة دائرتها من طائفة تجهل ماهية الحياة الصالحة، وقفت عرضة في وجوه الخلف تسد عليهم طرق العلم بأسباب الانتظام في شؤونهم السياسية والمعاشية، حتى توهم ذو بصيرة عشواء أن الإسلام والنظام لا يجتمعان، ولربما رجفت هذه الراجفة في صدور ضعفاء الأحلام من الناشئة الحديثة. ما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً!! أي مدنية قويمة لم يكشف الإسلام غشاوتها أو حضارة نافعة لم ينشر بين إخوانه لواءها؟
تسابقت الدول في طباق العمران، بمعرفة العلوم الرياضية التي من فروعها الحساب، والمساحة، وعلم التكسير، وعلم رفع الأثقال، وعلم الحيل المائية والهوائية، والمناظر، والحرب، والهيئة، والميقات، والفنون الطبيعية التي من فروعها علم الفلاحة، وعلم المعادن، وعلم الطب وفروعه، ومن كان على بيِّنة من الشريعة القيِّمة عارفاً بغايات هذه الفنون لاسيما في مثل هذا العصر الذي كشف عنَّا الغطاء وأرانا من نتائجها ما أرى، لا يسعه إلا استلحاقها بالعلوم الإسلامية، لتستخدم في بعض الشعائر المفروضة، ويتطرق بها إلى اغتنام السعادة في الدنيا التي هي الكافل للسعادة الأبدية.
ولقد فعل ذلك ذوو الفطر السليمة من علمائنا الذين لم ينكثوا أيديهم من التأسي بذلك السلف في التمتع بلذة النظر، وأخذ الأشياء النافعة من أي وجهة صدرت، فمحصوها بتطبيق أصول الديانة عليها وغرسوها في معادن معارفهم العالية، فربت وأنبتت من كل زوج بهيج، ولقد أعجب من سوانا نباتها، فاستمالوا إليهم غصونها، فاستحكمت جذورها عندهم، واجتنوا منها ثمراً لذيذاً. شهد الله أن ليس الغرض من ترديد صدى هذه الجملة الأخيرة على الآذان نشر فضيلة كانت مطوية، أو الإعلان بمنة قوبلت بالكفران، كلا