ومن أحكام الشريعة إباحة التيمم للمكلف وعدم إلزامه بقبول هبة ثمن الماء للوضوء، لما في ذلك من المنة التي تنقص حظاً وافراً من أطراف الهمة الشامخة، ومنها عدم إلزامه باستهابة ثوب يستر به عورته في الصلاة، وأبيح له أن يصلي عارياً صيانة لضياء وجهه من الانكساف بسواد المطالب، وليحذر الذين يحاولون الوصول إلى هذا الخلق الأسمى، أن يهرعوا إليه من طريق يدع التواضع دبر آذانهم فيعودون كما بدؤوا.
ليس من كبر الهمة الترفع عن الرجل يبسط لك وجهاً رحباً ويمنحك لساناً رطباً، وتشهد لك ألمعيتك الوقادة بمطابقة ظاهره لما يكنّه ضميره، بل ذلك نفور من النفس وجموح إلى جهة العلو بغير انتظام وهو ما نسميه كبراً.
ماذا يردع النفوس عن أن تُرى حيثما نهى الله، ويغلق في وجوهها أبواب الفسق والملاهي؟ كبر الهمة.
ماذا يقبض من الأيدي ويسد اللهى عن ابتلاع ما يدلي به الظالمون ليأكلون فريقاً من أموال الناس؟ كبر الهمة.
ماذا يوحي إلى الرجل أن يقيم لسائر تقلباته وزناً بالقسط، حتى إذا جستها يد الناقد الحكيم لم تجد في حركاتها طيشاً عن الأغراض التي ترمي إليها ذوو العقول النيرة؟ كبر الهمة.
كبر الهمة يعقد الألسنة عن الانطلاق في مجاري التملق والمداهنة، ويصفد الأقدام عن غشيان المنازل التي لا تطأ فيها على بساط الاحترام والحفاوة، كبر الهمة يصيِّر العالِم الأمين عوداً مراً ومكسراً صلباً يقف للمبتدعين المرجفين موقف الشجى بين الحلق والوريد، ويصارعهم بقول