أبي حفص" رجلاً من الكتاب، فودعنا بنية السفر، فلما فارقنا قال لي خالي: إنك لا تراه أبداً لأنه سافر في يوم أربعاء لا يتكرر وكذا كان، مات في سفره، وهذا ما لا أراه لأن يوم الأربعاء يوم عجيب، بما جاء في الحديث من الخلق فيه والترتيب، فإن الحديث ثابت بأن الله تعالى خلق يوم السبت التربة، ويوم الأحد الجبال، ويوم الاثنين الشجر، ويوم الثلاثاء المكروه، ويوم الأربعاء النور، وروي النون، وفي غريب الحديث أنه خلق يوم الأربعاء التقن، وهو كل شيء تتقن به الأشياء، يعني المعادن من الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص، فاليوم الذي خلق فيه المكروه لا تعافه النفس، واليوم الذي خلق فيه النور أو التقن يعافونه، إن هذا لهو الجهل المبين.
وفي "المغازي" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا على الأحزاب من يوم الاثنين إلى يوم الأربعاء بين الظهر والعصر فأستجيب له وهي ساعة فاضلة، فالآثار الصحاح تدل على فضل هذا اليوم، فكيف يُدعى فيه التحذير والنحس بأحاديث لا أصل لها، وقد صوَّر قوم أياماً من الأشهر الشمسية ادعوا فيها الكراهة، لا يحل لمسلم أن ينظر إليها ولا يشغل بها بالاً، قبَّحهم الله.
"السعادة" بهذا يعلم أن ما جرت به العادة من عدم عيادة المريض في هذا اليوم وتطيره بذلك، وهو وسوسة وهوس لا تشتغل به إلا الخواطر المبرسمة التي تبني معتقداتها على شفا جرف الأوهام الباطلة.