وباع نفسه من الله تعالى في الدُّعاء إليه كان له من الأجر أضعاف ما كان لمن كان متمكناً منه معانا عليه بكثرة الدعاء إلى الله تعالى، وذلك قوله:"لأنكم تجدون على الخير أعواناً وهم لا يجدون عليه أعواناً" حتى ينقطع ذلك انقطاعاً باتاً لضعف اليقين وقلة الدين كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقوم السَّاعة حتى لا يقالُ في الأرضِ الله الله"، فروي برفع الهاء ونصبها، فالرفع على معنى لا يبقى موحد يذكر الله -عَزَّ وَجَلَّ-، والنصب على معنى لا يبقى آمر بمعروف ولا ناه عن منكر يقول: أخاف الله، وحينئذ يتمنى العاقل الموت، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني كنت مكانه".
"السعادة" يبتغي بعض المنتسبين إلى العلم أن تكون لهم اليد المطلقة في النهي عن كل منكر يشاهدونه، حتى إذا لم يتمكنوا من النهي عن بعض المنكرات أعرضوا ونأوا بجانبهم عن القيام بحقوق هذا الواجب رأساً، وخلعوا عهدته من رقابهم ولو فيما تنفذ فيه كلمتهم، ومنهم من يهملها استناداً لقضية اختلقتها ألسنة الذين يؤثرون الحياة الدنيا عن الآخرة، ليتخذوها وليجة لإرضاء من لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ألا وهي دعوى فساد الزمان وعدم إفادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند غلبية الفساد، والله يشهد أنهم لمخطئون، لا تكون الحيلولة بينهم وبين النهي عن بعض المنكرات حجة يستبيحون بها التخلف والتنازل عن هذا المنصب مطلقاً، ولا يكون ظنهم عدم إفادة أمرهم ونهيهم عذراً صحيحاً يقدمونه عندما يُسألون.
ومنها قوله في "الأحكام" عند قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}[فصلت: ١٦] قيل: إنها كانت آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء، والناس يكرهون السفر يوم الأربعاء لأجل هذه الرواية, حتى أن لقيت يوماً مع "خالي الحسن بن