وتوفي "بالمرية" سنة أربع وسبعين وأربعمائة لسبع عشرة خلت من رجب.
* نشأته العلمية:
أخذ العلم بالأندلس عن "ابن الرحوي"، و"أبي محمد مكي"، والقاضي
"يونس بن مغيث" الموثِّق الشهير، ثم بدا له أن يرحل إلى طلب العلم ليجمع
بين الطريقة المشرقية فيمزجها بالطريقة الأندلسية، فرحل إلى المشرق سنة ست وعشرين وأربعمائة، فحجَّ وأخذ بالحجاز عن الحافظ "الإِمام أبي ذر الهروي" الذي ترجع إلى روايته أكثر نسخ "صحيح البخاري" بالمغرب بواسطة "أبي الوليد الباجي"، لازمه ثلاث سنين، ثم وفد على "بغداد" فدرس بها الفقه والحديث عن جلَّة من العلماء، منهم "أبو إسحاق الشيرازي"، والقاضي "أبو الطيب الطبري"، و"الصيرفي"، و"ابن عمورس"، ومكث بها ثلاث سنين، ثم وقد على "الموصل" فأقام بها سنة في صحبة "أبي جعفر السمناني" يأخذ عنه علم الكلام، ولقي الحافظ "أبا بكر الخطيب البغدادي" فروى كل واحد منهما عن الآخر، فمكث في رحلته كلها نحواً من ثلاثة عشر عاماً.
وكان في سني رحلته ضيق الحال، حتى كان قد قصد بشعره، وحتى استأجر نفسه في بغداد لحراسة درب، فكان يستعين بمقدار أجرته على نفقته ومطالعته، ثم قفل راجعاً إلى الأندلس سنة ٤٣٩ هـ، فدخلها على ضنك حاله، فكان يخلط أوقات تدريسه ومطالعته بضرب ورق الذهب، حتى اشتهر من خبره أنه كان يخرج إلى درسه إذا جاء التلامذة للقراءة وفي يديه أثر المطرقة وصدأ العمل.
دام على ذلك إلى أن اشتهرت تآليفه وفشا علمه، فعُرف حقه وعَظُم