جاهه، وقرَّبه الملوك حتى مات عن مال كثير. أخذ عنه الإِمام "أبو بكر الطرطوشي"، والقاضي "ابن شيرين"، و"أبو الصدفي الحافظ"، والقاضي "أبو القاسم المعافري"، وروى عنه حافظاً المغرب والمشرق "أبو عمر ابن عبد البر"، و"الخطيب أبو بكر ابن ثابت البغدادي".
كان أبو الوليد رحمه الله فقيهاً، نظاراً، محققاً راوية محدِّثاً، يفهم صفة الحديث ورجاله، متكلماً أصولياً، فصيحاً، حسن التأليف، ألَّف كتباً مهمة أكبرها في الفقه ومعاني الحديث كتاب "المنتقى شرح الموطأ"، وهو موجود غالبه، طالعنا منه جزأين ضخمين يقربان من نصفه أو أكثر، قيل كان ابتداء تأليفه كتاب سمّاه "الاستيفاء على الموطأ" بلغ فيه الغاية من التطويل، لكنه لم يأت فيه بغير شرح الطهارة في مجلدات، واختصر من المنتقى كتاباً سمّاه "الإيماء"، وكتاب "السراج في مسائل الخلاف" لم يتم، وكتاب "المقتبس في علم مالك بن أنس" لم يتم، وكتاب "المهذب" اختصار المدونة، "وشرح المدونة" لم يتم، وكتاب "اختلافات الموطأ"، وكتاب "التعديل والتجريح لمن خرَّج عنه البخاري في الصحيح"، وله في الكلام كتاب "التسديد لمعرفة طريق التوحيد"، وفي الأصول كتاب "أحكام الأصول"، وكتاب "الإشارة في الأصول" موجود وهو مؤلف في جزء صغير يشتمل على علم كثير، و"تفسير القرآن" لم يتم، وكتاب "الانتصار لأعراض الأئمة الأخيار"، ورسائل، ورسالة في الجدل توجد ببعض مجاميع خزائن الجامع الأعظم.
كان له مع ذلك شعر مطبوع حسن، لكنه لم يبلغ به صناعة الشعر، وهاك نموذجاً منه في مقام تنقدح فيه القرائح الشعرية، وتبرز المكنونات النفسية،