الخشوع يا أبا الحكم فلا تذبل إن شاء الله تعالى"، فقال منذر: "اللهم اشهد أني قد بثثت ما عندي ولم آل نصحاً".
وقال "المقري": "كان منذر خطيباً، بليغاً، عالماً، بالجدل، حاذقاً فيه، شديد العارضة، حاضر الجواب، عتيده، ثابت الحجة، ذا إشارة عجيبة، ومنظر جميل، وخلق حميد، وتواضع لأهل الطلب وانحطاط إليهم، وإقبال عليهم، وكان مع وقاره التام فيه دعابة مستملحة (من الناس من يتخذ الدعابة وسيلة لإذاية مجالسيه، فلا تكون مستملحة وخصوصاً عند ذوي النفوس الأبية والنباهة التي لا تنخدع بالظواهر)"، ثم قال: "وله نوادر مستحسنة، وكانت ولايته القضاء بقرطبة للناصر في شهر ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، ولبث قاضياً من ذلك التاريخ للخليفة الناصر إلى وفاته، ثم للخليفة الحكم المستنصر إلى أن توفي -رحمه الله تعالى- عقب ذي القعدة من سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، فكانت ولايته لقضاء الجماعة المعبر عنه في المشرق بقضاء القضاة ستة عشر عاماً كاملة، لم يحفظ عليه فيها جور في قضية، ولا قسم لغير سوية، ولا ميل إلى هوى ولا إصغاء إلى غاية".
ودفن بمقبرة قريش بالربض الغربي من قرطبة -أعادها الله تعالى-، وفي مسجد "السدة الكبرى" بقرب داره، وله رحمه الله تعالى تآليف مفيدة منها كتاب "أحكام القرآن"، و"الناسخ والمنسوخ"، وغير ذلك.