للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* والقضاء:

ذكر له علماء اللغة معاني متعددة ترجع إلى معنى: إتمام الشيء قولاً أو فعلاً، يقال: قضى غريمه دينه؛ أي: أداه، وقضى عليه؛ أي: أماته، وقضى الشيء: فرغ منه، وقضى: حَكَمَ وفصَل.

وأما القضاء شرعاً، فقد اختلفت عبارات العلماء في تحديده، فمنهم من عرّفه ناظراً إلى ما يصدر عن القاضي من القول الذي يقع به الفصل، فقال: القضاء: الإخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام.

ونظر بعضهم إلى ما يترتب على هذا الإخبار من قطع الخصومات، فقال: هو الفصل بين المتخاصمين.

ورأى الشيخ ابن عرفة: أن القضاء في الشرع معنى حكمي؛ أي: اعتباري يختص بالقاضي، سواء فصل بالفعل، أو لم يفعل، فقال في حده: "صفة حكمية توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي، ولو بتعديل أو تجريح، لا في عموم مصالح المسلمين".

قوله: "حكمية" يريد: اعتبارية، وقوله: "توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي"؛ أي: أن هذه الصفة الحكمية توجب إيجاباً شرعياً إمضاء ما حكم به، فخرج به من ليس له تلك الصفة؛ فإنه لا يجب تنفيذ حكمه، وقوله: "ولو بتعديل أو تجريح" يريد: أنها توجب نفوذ حكمه في كل شيء، ولو كان بتعديل أو تجريح، وقوله: "لا في عموم مصالح المسلمين" أخرج به: الإمام؛ لأن القاضي ليس له قسمة الغنائم، ولا تفريق أموال بيت المال، ولا ترتيب الجيوش، ولا قتل البغاة، ولا الإقطاعات.

ويمتاز القضاء عن الفتوى مع اتحادهما في أن كلاً منهما إخبار عن الله