وأما صفة (العدالة)، فمعدودة في شرط صحة القضاء كما قال سحنون:"من لا تجوز شهادته لا تصح ولايته". ومقتضى بطلان ولاية غير العدل: عدم نفاذ حكمه.
وقال بعض الفقهاء:"إن حكَمَ، ووافق حكمه وجه الحق، مضى حكمه". فالقاضي العدل تحمل أحكامه على أنها موافقة لوجه الحق، وتنفذ إلا إذا تبين أنها مخالفة له، وغير العدل لا تحمل أحكامه على إصابة وجه الحق، ولا تنفذ إلا إذا تبين أنها صواب.
والسياسة في قولنا:"السياسة القضائية" يراد بها: الأحكام والنظم المتعلقة بالقضاء، ويسميها الكاتبون في أسماء العلوم وتعريفاتها:(علم القضاء)، ويقولون في تعريفه." هو علم يبحث فيه على آداب القضاة في أحوالهم وقضاياهم، وفصل الخصومات، ونحو ذلك".
* حكم الحكم يرفع الخلاف:
إذا حكم حاكم في قضية على طريق الاجتهاد، فإن حكمه يرفع الخلاف، فليس لقاضٍ آخر أن ينقض الحكم في هذه القضية، إلا إذا خالف النص الجلي من الشريعة، أو الإجماع، أو القواعد القطيعة، وهذا هو المعروف في أحكام القاضي المحجتهد. وأما القاضي المتابع لإمام من الأئمة المجتهدين، فليس له أن يحكم إلا بالقول الراجح في مذهبه.
قال ابن نجيم في إحدى رسائله:"قولهم: حكم الحاكم في المسائل الاجتهادية يمضي، ولا يجوز نقضه، إنما هو في حق المجتهد، أما القاضي المقلِّد، فليس له الحكم إلا بالصحيح المفتى به في مذهبه، ولا ينفذ قضاؤه بالقول الضعيف".