للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكون المرأة قاضية، ونسبوا إلى أبي حنيفة: أنه يجيز قضاءها فيما تشهد فيه، أما ما نسب إلى ابن جرير، فلم يصح نقله عنه، ومن لم ينظر إليه من جهة صحة النقل، قال: "هو من الشذوذ ومخالفة الإجماع بحيث لا ينبغي الالتفات إليه" (١).

وأما ما نسب إلى الإمام أبي حنيفة، فمحمول على أنه يصحّ أن تقضي في واقعة على وجه التحكيم، لا على أنها تقلّد منصب القضاء.

قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": "ونقل عن محمد ابن جرير الطبري إمام الدين: أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية، ولم يصح ذلك عنه، ولعله -كما نقل عن أبي حنيفة- أنها تقضي فيما تشهد فيه، وليس بأن تكون قاضية على الإطلاق، ولا بأن يكتب لها منشور بأن فلانة مقدمة على الحكم إلا في الدماء والنكاح، وإنما ذلك كسبيل التحكيم أو الاستنابة في الفضية الواحدة؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة"، وهذا الظن بأبي حنيفة وابن جرير، وقد روي: أن عمر بن الخطاب قدَّم امرأة على حسبة السوق، ولم يصح، فلا تلتفتوا إليه؛ فإنما هو من دسائس المبتدعة".

وأما صفة (العلم)، فشرط القاضي في الأصل أن يكون بالغاً رتبة الاجتهاد.

ولما قل في علماء الشريعة من يدرك هذه المرتبة، أجازوا ولاية المتابع لمذهب إمام من أئمة الاجتهادة حتى لا تتعطل الأحكام. ولا يعدل عمن له قدرة على الترجيح بين الأقوال إلى من قصر باعه عنها.


(١) "الأحكام السلطانية" للماوردي.