للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو فعل؛ كإدمان اللعب بالحمام، ويرجع معنى المروءة إلى المحافظة على فعل مباح يوجب تركه الذمّ عرفاً؛ كترك الانتعال للموسر في بلد يزري بمثله الحفاء، وعلى ترك مباح يوجب فعله الذم عرفاً؛ كالأكل في السوق لغير السوقي، وإنما يشترط في الشاهد العدالة في بلد يكون فيه، أو فيما يقرب منه عدول، وقال ابن العربي في "أحكامه": "إذا كانت قرية ليس فيها عدول، وبعدوا عن العدول، فالذي عليه الجمهور: أن لا تجوز شهادة بعضهم لبعض".

والمنقول عن كتاب "النوادر": "أما إذا لم نجد في جهة إلا غير العدول، أقمنا أصلحهم وأقلهم فجوراً للشهادة، ويلزم ذلك في القضاء وغيره؛ لئلا تضيع المصالح، ولا أظن أحداً يخالف في هذا؛ لأن التكليف شرطه الإمكان. وبهذا عمل المتاخرون من فقهاء المالكية، وللخوف من ضياع المصالح ألغى الفقهاء التجريح بالكبيرة التي تعم بها البلوى؛ كالغيبة، ولا تجرح مسلماً بالغيبة؛ لأنها عمت بها المصيبة".

جاءتني أيام ولايتي القضاء في مدينة "بنزرت" (١) رسالة من المحكمة العليا في عاصمة تونس بإصدار إذن في تجريح شهود إحدى البينات، فوقع تجريح أحدهم بأنه يؤخر الصلوات عن أوقاتها، ولم يكتف أعضاء المحكمة -وفيهم أساتذة لي- بهذا التجريح؛ كأنهم يرون تأخير الصلوات عن أوقاتها، وإن كان معدوداً في الكبائر، ملحقا بالغيبة في كثرة ابتلاء الناس به.

٣ - انتفاء التهمة عن العدل في شهادته:

تجيء التهمة إلى الشاهد من جهة القرابة، أو الزوجية، أو الصداقة،


(١) مدينة في شمال تونس.