عليه في وصية في السَّفر، فقال أبو حنيفة: تجوز على الشروط التي ذكرها الله تعالى في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ}[المائدة: ١٠٦].
وقال الإمامان مالك والشافعي: لا تجوز، ولو على هذه الشروط، ورأوا أن الآية منسوخة، وروى حديث الشيخ ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنه -.
"والآية صريحة في قبول شهادة الكافر على وصية في السفر لمن عدم الشاهدين المسلمين، ولم يجئ بعدها ما ينسخها، فإن المائدة من آخر القرآن نزولاً، وليس فيها منسوخ، وليس لهذه الآية معارض البتّة (١).
شهادة غير المسلم على غير المسلم:
ردّها بعض الفقهاء. وقال آخرون: تمضي، واحتجوا بأنهم يتعاملون فيما بينهم بأنواع المعاملات من المداينات، وعقود المعاوضات، وغيرها، ويقع بينهم الجنايات، ويتحاكمون إلينا، فلو لم تقبل شهادتهم بعضهم على بعض، لضاعت حقوقهم. واختلف هؤلاء، فقال بعضهم: إنما تجوز شهادة غير المسلم على أهل ملته. وروي عن الزهري أنه قال: تجوز شهادة النصراني على النصراني، واليهودي على اليهودي، ولا تجوز شهادة أحدهما على الآخر، وكذلك قال الحسن: إذا اختلفت الملل، لم تجز شهادة بعضهم على بعض. وهذا الرأي مبني على مراعاة العداوة التي تكون بين أصحاب الملتين المختلفتين. ورأى آخرون جواز شهادة نصراني على مجوسي، أو مجوسي على نصراني،