للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يشير علماء اللغة إلى أن العرب يتجاوزون بالاسم المواضع المشتملة على وجه التسمية إلى المواضع الخالية منه، كما قال صاحب "الصحاح": سُمِّي الفرس حصاناً؛ لأنه حصّن ماءه؛ أي: ضَنَّ به، فلم ينزُ إِلا على كريمة، ثم كَثُر حتى سمّوا كلَّ ذَكَرٍ من الخيل: حِصاناً.

ومن هذا النحو كلمة: القافلة، أصل وضعها للرفقة القافلة؛ أي: الراجعة من السَّفر، ثم توسع فيها على طريق المجاز، فاستعملوها في الرفقة راجعة من السفر، أو مبتدئة له (١).

ويشابه هذا -وإن لم يكن من بحث أسماء الأعيان- كلمة: (البناء) بمعنى: الدخول بالزوجة، فأصله أن الرجل كان إذا تزوج، بنى للعروس خباء جديداً، ثم قيل لكل داخل بأهله: بانٍ، وإن لم يحصل منه بناء بيت.

ومن قبيل هذا المثال كلمة: (الصفق، أو الصفقة) للعقد. فأصله: أن المتبايعين كانا إذا وجب البيع، ضرب أحدهما على يد صاحبه، فقالوا: صفَقَ له، أو على يده بالبيع، ثم استعملت الصفقة في العقد غير ملاحظ فيها ضرب اليد، وعلى اليد.

* الفرق بين اسم الصفة واسم العين في عبارات المعجمات:

قد يشير أصحاب المعجمات في شرح معاني الألفاظ أو توضيحها بالأمثلة إلى أن اللفظ من قبيل الصفات، أو من قبيل أسماء الأعيان المشيرة إلى وصف، ومن أبين ما يدلُّون به على الصفة: انهم يذكرون اسم العين، ويتلونه بذكر الصفة؛ كما قالوا: رجلٌ داهية: جيد الرأي، وسحابةٌ مذكية:


(١) قد يقال في هذا المثال: إن وجه التسمية ثابت في الرفقة الراجعة على وجه التحقيق، وفي الرفقة المبتدئة للسفر على وجه التقدير الذي يجيء من قصد التفاؤل.