وكان الشيخ الخضر يستنجب محمّد بن عبد الجواد، ويرى فيه الطالب المجتهد المخلص، فردّ على إحدى رسائله إليه بقصيد شعريّ عنوانه: "إرشاد ونصائح"، ضمّنه ما يختلج في ذهنه من خواطر صوّرها في هذا القصيد الذي لم يشمله ديوانه "خواطر الحياة".
لذا نقدِّمه إلى قراء "الهداية" فيما يلي:
إرشاد ونصائح
سلام يُستَهَلُّ به النِّظامُ ... ومِنْ أدبِ المخاطبةِ السّلامُ
تحيّيكم به من قبل رَقْم ... عَواطفُ في الضَّمير لها ارْتسامُ
(محمّدُ) زارَني طِرْسٌ بليغٌ ... وطِرْسُ أخي الوَفاءِ لهُ ذِمامُ
دعاني أنْ أخوضَ عُبابَ وَعْظٍ ... على نَسَقٍ يموجُ به انْسجامُ
ويبلُغُ مَنْ يسيرُ على أناس ... بهِ ما يبلغُ الرّجلُ الهمامُ
فأحجَمَ بالقريحةِ أَنَّ باعاً ... قصيراً لا يُساعفهُ اقْتحامُ
ولكنَّ القرائحَ كالمطايا ... إذا جمحَتْ يُراوضُها الزّمامُ
فهزّتْ للعلى القلمَ اقتياداً ... لفكرٍ فاستقادَ بما يُرامُ
وناجاني بأنَّ النفسَ يعدو ... بها في زهرةِ الدُّنْيا هُيامُ
فيسحبُها على حمَإِ الدّنايا ... إلى سوقٍ يروجُ بها الطَّغامُ
وينفضُ كَيسها في كسْبِ خيرٍ ... تمتُّ بهِ إذا نَزَل الحِمامُ
فإن يَنسج عليها العقلُ دِرْعاً ... حماها أن يشطَّ بها غَرامُ
فإن العقْلَ كالنِّبراسِ تَهدي ... أَشعّتُه لما فيهِ السَّلامُ