وإنْ لمْ نَسقِهِ بمدادِ عِلْمٍ ... ذَوَى ببهيجِ زَهْرتهِ أُوامُ
وإنَّ مَناهِلَ العِرْفانِ شتّى ... وكلٌّ حوْلٌّ حافَتِه ازْدحامُ
ومنْ ألقى الرِّحالَ بعلْمِ شَرْعٍ ... وطافَ بغيره فهو الإِمامُ
ومَا ثمرُ العلّومِ قريبَ مَجْنى ... يَطوعُ كما يطوعُ لكَ الثِّمامُ
فلا يجْنيهِ إلّا ربُّ حزْمٍ ... يَنام المَشْرَفيُّ ولا يَنامُ
تنافس في المعارف خاطبوها ... وكلّ في السباق له مَقامُ
فهذا ماسكٌ طَرْفاً وهذا ... تهاوى تحتَ أخْمَصِه السَّنامُ
وقد يتخطّفُ الرَّسْمينِ فِكْرٌ ... ودونَ الفَرْقِ بينهما قَتامُ
فيجري في القَضاءِ على استواءٍ ... ويختلطُ المُحَلَّلُ والحرامُ
وقد يبني الضلالُ خيامَ حقٍّ ... ويسكنُها فتشتَبِهُ الخِيامُ
ولا ينحطُّ فكرُك حينَ يَطْفو ... على معنى يغوصُ له الكَهامُ
فقد ينبو المهنّدُ عن مَحزِّ ... وما أوهى صرامتَه انْثلامُ
فخُذْ بِعُرى المشورةِ فالمعاني ... تبوحُ سنَىً إذا حَمِي الْتحامُ
لُباناتُ الرِّجالِ مثيلُ سُحْبٍ ... يمرُّ بها على النَّفْسِ اهتمامُ
فهذي مُزنةٌ شملَتْ، وهذي ... تخصُّ بوَدْقِها، وذِهِ جَهامُ
وهلْ يرتاحُ ذو قلبٍ لِغيْثٍ ... تكنَفهُ وقد قحطَ الأنامُ
فما في مستطاعِ الفَرْدِ عَيْشٌ ... ولم يدمجْه في القَوْمِ التئامُ
وهل تبقى الحياةُ خليطَ عُضْوٍ ... يفكّكُهُ عنِ الجسدِ اصطلامُ