ليس المدامةُ في رأي الحكيمِ سوى ... مرارةٍ قاءَها في الدَّنِّ عنقودُ
وما أعزّ حياةً بانَ صاحبُها ... وسعيُه بلسانِ الحمدِ معدودُ
هذا الوزيرُ العزيزُ اجتازَ سابلة الْـ ... ـمحيا وساعدُه في البِرِّ مجهودُ
أَنْسى الخطوبَ ولا أنسى غداةَ حَدا ... به الحِمامُ ورُكْنُ الصبْرِ مهدودُ
عينُ الشّريعةِ فاضتْ حسرةً بدمٍ ... وصدرُها بشُواظِ الحُزْنِ مُوْقودُ
كانت عزائمُهُ تَرْعى مصالِحَها ... إذا تَجافى عن الإصلاحِ جَلْمودُ
وكان جانِبُها السّامي بهمَّتِه ... عليه دِرْعٌ من الإعزازِ مَسْرودُ
يطاردُ الغَمْضَ عن جفنٍ حراستُه ... سِتْرٌ على مَعْهدِ العِرفانِ مَمدودُ
ولا يغوصُ على مَنْحى سياستِه ... إِلا حجًى بثقافِ العِلْمِ مَمْهودُ
وقد يجادلُ في مَعْنى عَدالتها ... لسانُ خَصْمٍ بأسْرِ الجهلِ مَصفودُ
يبني بفصلِ خطابٍ للحقوقِ حِمىً ... كما انْتقى سابغاتِ الحربِ داودُ
والنَّصْرُ في شُهُبِ الأرماحِ أولُه ... وتارةً ببليغِ القَوْلِ معقودُ
إنْ صاغَ لفظاً لدى تقريرِ حادثة ... لم ينفَلِتْ عن حواشي اللَّفظِ مَقْصودُ
تَخْطو بَراعتُه في طِرْسِه عَنَقاً ... فلا ترى الدُرَّ إِلا وهو مَنْضودُ
أما الأناةُ فَطودٌ لا يميدُ به ... سيْلٌ ومَرْكَزُه في الحُكْمِ مَوْطودُ
........................ ... يومٌ كقارعةٍ دهماءَ مَشْهودُ (١)
والناسُ من حولهِ هذا يساعفُه ... دَمْعٌ وهذا شجيُّ القلبِ مَكْمودُ
(١) الشطر الأول من البيت مطموس في الأصل.